ان الله أنزل الداء وجعل لكل داء دواء .. فتداووا ولا تداووا بحرام
د / زغلول النجار
روى الامام أبو داود فى سننه عن طارق بن سويد قال : حدثنا مسلم بن ابراهيم
حدثنا شعبه عن سماك عن علقمة ابن وائل عن أبيه ذكر طارق بن سويد أو سويد بن طارق سأل النبى صلىالله عليه وسلم عن الخمرفنهاه ثم سأله فنهاه فقال له يانبى الله انها دواء قال النبى صلى الله عليه وسلم " لا ولكنها داء " .
ورواه أبو داود فى سننه أيضا عن أبى الدرداء قال :
حدثنامحمد بن عبادة الواسطى حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا اسماعيل بن عايش عن ثعلبةبن مسلم عن أبىعمران الأنصارىعن أم الدرداء عن أبى الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ان الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء
دواء فتداووا ولا تداووا بحرام " .
شرح الحديث
هذةالأحاديث النبوية الشريفة مجتمعة مع غيرهامن أقوال المصطفى صلىالله عليه وسلم تنطلق من قول الحق تبارك وتعالى :
" يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهمااثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما ... " " البقرة 219 " .
وواضح أن اثمهماالكبير واقع فى ضياع الدين والخلق والمروءة والعقل والمال
والوقت، وكلها تمثل الحياة التى سوف يسأل الانسان عنها بين يدى الله سبحانه
وتعالى .. وأما المنافع فتتمثل فى الربح الحرام الذى قد يجتنى من التعامل
بهاتين الجريمتين،وهو مال حرام لا يبارك الله فيه،ومن هنا كان اثمهماأكبرمن نفعهما .
ويتضح جانب الاعجاز فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى نحن بصدده فى
تأكيدأن الانسان فى هذةالحياة معرض لكثيرمن الأدواء ، وهذا من طبيعة البيئة
الانسانية ،وأن الله تعالى ما أنزل داء الا وأنزل معه الدواء ، فمن عجائب خلق
الله فى الكون أن كل شئ فيه قد خلق فى زوجية مبهرة حتى يبقى الله تعالى وحده
منفردا بالوحدانيةوالمطلقة فوق كافة خلقه،فكل سبب للمرض قد خلق له سبحانه
وتعالى له ضدا دواءه كما أن المادة لها أضدادهاوالطاقة لهاأضدادهاوهكذا .
وجانب آخرمن جوانب الاعجاز فى هذا الحديث الشريف الأمر بالتداوى حتى لا يترك
الانسان جسده نهباللمرض فيهلك بعدأن يشفى..والجانب الثالث من جوانب الاعجاز
فى الحديث أن الحرام لا يمكن أن يكون دواءلمرض من الأمراض،ومن الحرام الخمر
التى وصفها المصطفى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه عنه عبد الله بن
عمرو بن العاص،وأخرجه الطبرانى فى الكبير بقوله : " الخمر أم الفواحش ومن
أكبر الكبائر... " .. ولذلك فقد نهى القرآن الكريم كما نهت أحاديث الرسول
صلىالله عليه وسلم عن التداوى بالخمرأوالتداول فيها صناعة أو نقلاأو بيعا أو
شراءاأو شرباأو لمسا ، أو بأية حجة من الحجج ، فانها داء وليست دواء ، ولا
شفاءفيها بل هى سبب للعديد من الأمراض البدنيةوالنفسية والاجتماعية .. فقد أثبت العديد من الدراسات والبيانات الطبية أن تناول الخمر يؤدى الى تسمم الجسم واضطراب الذهن وفقدان الذاكرةوالىالعديدمن الأمراض العقليةوالجسدية ، مثل الفشل الكلوى ، واحتقان البروستاتا ، والتهاب مختلف أجزاء الجهاز الهضمى بدءامن الفم وانتهاء بالمصران الغليظ ، هذة الالتهابات التى تنتهى بالسرطانات العديدة ،مرورابقرحات فى أماكن متفرقة ، والتهاب كل من الكبد والبنكرياس وتليفهما،كماتؤدى الى ارتفاع ضغط الدم والى اضعاف عضلة القلب ، والى الذبحات الصدرية،وهبوط القلب والسكتات الدماغية، وحدوث نزيف الدم المتكرر والى ضغف جهاز المناعة مما يضعف مقاومة الجسم للأمراض المختلفة ، ويؤدىتناول الخمرالىالتهابات الجهازالتنفسى التى تنتهى بمرض السل الرئوى وسرطانات كل من الرئةوالقصبة الهوائيةوالحنجرة كما يؤدى تناول الخمر الى اضطراب نشاط الغددالصماء بالجسم ،والىالعديدمن الاضطرابات العصبية والعقم وغير ذلك من الأمراض التى تصيب متناولىالخمور،وهى أكثر من أن تحصى فى هذة العجالة ، وأخطرها جميعا تشوه الأجنة فى بطون الأمهات المدمنات للخمر .
أما فىالجوانب الأخرى فقد ثبت أن أغلب الجرائم السلوكية يتم تحت تأثير شرب
الخمر مما دفع منظمة الصحةالعالميةالى اصدار بيان لها سنة 1979م تقرر فيه
أن "تعاطى الخمور هو احدى المشكلات الصحية الكبرى فى العالم، وأن الاستمرار
فىتعاطيهايعيق التقدم الصحىوالاجتماعىوالاقتصادى فى معظم المجتمعات ، وتشكل
عائقاكبيرا فى المجال الصحى ، وتعتبر أحد العوامل المؤثرة فى تحطيم الصحة
العامة ، ولا يوجد حل لها " .